قصف الفرح واغتيال الزغاريد
نشر بتاريخ: 2025/12/21 (آخر تحديث: 2025/12/21 الساعة: 19:50)

غزة التي يُراد لها الموت كل لحظة، تجابه الموت بالحياة، وتسرق بعض اللحظات لتقيم أعراس الناجين بفرحٍ أقل، ولتعيد للحياة دورتها في الولادة بدل الموت وبدل القتل والإبادة، وهذا ما لا يعجب عدوها، كما لو أنها تصفعه بزغرودة وتهليلة، فيعود بنيران حقده وينهال عليها بالقذائف ويقصف الفرح في خيمة. ستة شهداء أشلاء وعدد من الجرحى، بينهم أطفال؛ جرّاء قصف مدفعية الاحتلال لمدرسة إيواء قرب مستشفى الدرة، في حي التفاح شرق مدينة غزة، مساء الجمعة الذي حددته العائلة ليشهد زواج ابنها على زوجته التي أحبها واختارها رفيقة لدربه وحياته، فجاءت الطائرات وبددت لحظات الفرح، وغابت الزغاريد وحلت مكانها صيحات الاستغاثة، وتحول الفرح إلى مأتم وعزاء.

حتى لحظات الفرح تغتالها القذائف، والأعراس في خيمة تغضب الأعداء، فيحولون العرس إلى ساحة أشلاء متناثرة، ويغرق الناس في الدم.

إن من أهداف الإبادة وقف الحياة، ووقف الزيادة والنمو البشري، وهذا يفسر قصف الاحتلال للأعراس التي تقام في غزة، ولو كان العرس في خيمة، والمدعوون لا يتجاوز عددهم أصابع اليد.

أن تقيم عرسًا في غزة يعني أنك مصرّ على الحياة وعلى الإنجاب وعلى استعادة ما أمكن من صور البقاء على قيد النجاة والصمود، كحقٍّ إنساني طبيعي، وسلوك فطري لا يتغير أو يتبدل ما دامت الحياة، وهذا ما لا يريد الأعداء أن يشاهدوه، لذا تعود الطائرات والدبابات لتجدد قصفها وتقتل المزيد من الناس.

حتى اليوم تراوح الهدنة في مرحلتها الأولى، ولم تنتقل إلى المرحلة الثانية كما ينص الاتفاق، ووسط خروقات دائمة يعيش الناس في غزة تحت قصف متقطع، في ظل عدم إدخال المساعدات الكافية، فالجوع مستمر، والخيام رثة لا تمنع البرد ولا تحمي من القصف، والحديث عن وقف القتل مجرد كلام، لأن الاحتلال يواصل خروقاته كل لحظة، والدول التي رعت الاتفاق لا تزال تراقب من بعيد وهي ترى استمرار القصف والقتل، ولا تتحرك لإنقاذ الناس.

قصف أعراس غزة إمعان في الإبادة، وتنصل من الاتفاق، ورغبة في مواصلة القتل والتهجير، فهذه نوايا حكومة الاحتلال المتطرفة، والتي تعمل جادة لعودة الحرب، كي تجهز على ما تبقى في غزة، وهنا لا بد من التحرك العاجل، للإسراع في الدخول بالمرحلة الثانية، وعدم ترك الأمر على هذا النحو الذي يمنح يد الاحتلال حرية مطلقة لتواصل قتلها وقصفها، فكل دقيقة في غزة تعني ضحية جديدة، ما دام الواقع على الأرض تحت سيطرة الاحتلال.