اليوم الخميس 24 إبريل 2025م
8 شهداء بقصف الاحتلال منزلا شمال غزةالكوفية الاحتلال يطلق النار على شاب قرب دوار كفر صور جنوب طولكرمالكوفية 4 شهداء في قصف للاحتلال على مدينة غزةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم نحالين غرب بيت لحمالكوفية الخارجية الأردنية: وقف المساعدات على قطاع غزة أدى إلى كارثة إنسانيةالكوفية «الشرقية» تجهّز «يد الأخضر» لكأس العرب في الكويتالكوفية إيدي هاو يعود لتدريبات نيوكاسل بعد تعافيه من التهاب رئويالكوفية قاض أمريكي يمدد قرار حظر ترحيل الناشط الفلسطيني محسن المهداويالكوفية مراسلنا: انتشال جثامين 5 شهداء بعد غارة إسرائيلية على شارع النخيل بحي التفاح شرقي مدنية غزةالكوفية مراسلنا: غارة من طائرة مسيرة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزةالكوفية 14 شهيداً في قصف مركز شرطة جباليا البلد ومنزلاً بحي الزيتون بمدينة غزةالكوفية الاحتلال يقتحم قرية النبي صالح شمال غرب رام اللهالكوفية مصرع مواطنة بحادث سير في الخليلالكوفية الاحتلال يستولي على شاحنة في الأغوار الشماليةالكوفية المجلس المركزي يواصل أعماله لليوم الثانيالكوفية 50 شهيدا و152 إصابة خلال الـ24 ساعة الأخيرة في قطاع غزةالكوفية الاحتلال يداهم مدينة بيت لحم وبلدة بيت فجارالكوفية مصادر طبية: خروج مستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال على الخدمةالكوفية بيت لحم: قوات الاحتلال تقتحم مخيم الدهيشةالكوفية 185 هزة ارتدادية تضرب إسطنبول بعد الزلزال الذي بلغت قوته 6.2 درجةالكوفية

باسم الأَب وغزّة والأُخوة الشهداء السّتة

17:17 - 15 إبريل - 2025
قصيدة جديدة: المتوكل طه
الكوفية:

كانوا له مثلما كانت الشمسُ للأرضِ، إذ بلغوا عَرْشَه، فاطمأنَّ.. لكنّها الحربُ؛ تأخذُ منّا الهواءَ، فتختنقُ الشَهَقاتُ، وما مِن زمانٍ يعودُ، ولا مِن بُكاءٍ يُعيد.

كبروا بين كبشٍ وحُزنٍ، ونّذْرٍ، وليلٍ طويلٍ، وَعِيد.

وظلَّ على سَمْتِه يحرثُ الطينَ، يسقي اليراعاتِ من عينه، وابتنى غيرَ دارٍ لكي يسكنَ الطيرُ والزَّغبُ المُطمئنُّ، وترقى على كتفِ القوسِ ناريّةٌ، قد تردّ اللظى عن منامٍ خفيفٍ، يُداعبه عودةً للبلادِ، التي سرقوها، فكان كما اللاجئين الذين ينامون كي يحلموا بالرجوعِ، وما من وعودٍ وما من وعيد.

ودبّت حروبٌ، فكان ينقّلُ أحفاده بين أحضانه، وانزوى تحت أشجاره، ودعا اللهَ كي يحفظَ الفلذاتِ، وغصّ كثيراً، لأنّ مياهَ الفصولِ دماءٌ، وخبزُ الوضيمةِ فَحمُ الثريد.

وراح يخبُّ، هنا أو هناكَ، فيلقي الذي نزحوا في الدروب، فيبكي عليهم! وظلّ على هذه الحالِ عشرةَ آلاف مجزرةٍ في الطريق.. يجرُّ الخيامَ وبعضَ الفِراشِ، ويبقى يصلّي، فلا بأسَ إن ماتَ، لكنّه لا يريدُ لأبنائه أن يموتوا، فقلبُ الأُبوّةِ هشٌّ ولا يستطيعُ احتمالَ الحديد.

وماتوا! فماذا نقولُ وماذا نزيد؟

قامَ.. صلّى وسلّمَ، ثمّ توضأ ثانيةً بالترابِ.. وقال: لهُ الحمدُ في كل حالٍ وفي كلِّ حينٍ. لكَ الحمدُ يا ربُّ، أكرمتني كرماً واسعاً، فَلهم جنّةُ الخُلدِ، هذا جزاءٌ عظيمٌ. سنمضي جميعاً إلى القبرِ، مهما بلغنا من العُمْر، والفوزُ مَن فازَ بالجنّتينِ، فحمداً كثيراً، وآملُ يا ربّ ألّا أظلّ وحيداً، فَدَع لي صغيري الحفيدَ الوحيد.

وقالَ؛ تعالوا نُصلّي عليهم، فإنّي رضيتُ.. فأبكى الرجالَ وهالَ الشريد..

ولما انتهوا ومشوا للقبورِ، أتى صوتُ أشجارِهم من وراء الرّكامِ؛ يحشرجُ، مثلَ الثكالى على جثّةٍ من قديد.

 لقد بلغوا ساعةَ الكَشْفِ، فالأكبرُ البِكْرُ يشبهُ والدَهُ في الملامحِ والسيرِ، زوّجهُ منذ عشرين عاماً، فصار أخاه المجازيّ طولاً، ويضحكُ حتى النواجذ. يعشقُ شايَ المواقدِ، وهو على سدَّةِ الحقلِ، متّجهاً للسماءِ، وقد يرجعُ العصْرَ للبيت منفرداً، فالأبُ الشيخُ يبقى مع الغصنِ حتى يُضيءَ له الليلَ، ثمّ يُصلّي العِشاءَ ويرجع مشْياً.. وفي الحوش يجتمعون لكي يلعبوا معه، قبل أن يذهبوا للمهودِ، وينْقُدَهم ما تيسّرَ، حتى تطيرَ الفراشاتُ من غدِها في المدارسِ، فالصفُّ حلوى ودفترُ رَسْمٍ ووَجْهٍ سعيد.

ويعملُ ثاني الرجالِ بِمعملِه المخبريّ، يحلّلُ أوردةَ المُتعبينَ، ويقضي النهاراتِ مُنشغلاً بالقواريرِ، حتى تزوّجَ أجملَ قارورةٍ أيقظت عِطْرَهُ، ثُمّ جاءت له بالمراجيحِ، فانشرحَ الصّدرُ، حتى إذا قامت الحربُ راح ليعملَ ردْف الأطباءِ.. ظلّ هنالك قلبَ العيادةِ، ليلاً نهاراً، وما نامَ، إذ إنّهم قصفوا كلّ شيءٍ، فلم يتبقَ سوى غرفتين هما للطوارئ والفحصِ.. ظلّ، وما عادَ للبيتِ إذ قصفوه، فطارَ بمَن فيه، أعني الوليدَ وأُمَّ الوليد.

وثالثهم سيّدُ الموجِ والصيدِ، يعرفُ أمزجةَ الماءِ والرّيِحِ، يركبُ قنديلَه، ثم يمضي بعيداً ليرجعَ، عند الشروقِ مليئاً بأسماكِه النابضاتِ، وفي البالِ حوريّةٌ لوَّعته، فما ترك النّايّ،بل جرّحَ البحرَ بالنهاوَندِ، وساءَلَه عن حجازِ الدموع ورَجْعِ الصَّبا، والفتى، خلفَ أمواجه الباكياتِ، يدورُ ويبحثُ عن نجمةٍ في البعيد.

ورابعهم ينقشُ المُدنَ الهالكاتِ على الرّوحِ، حتى يُعادُ القوامُ لها مثلما نشأت، فاهدموا ما استطعتم! لقد حَفَرَ البابَ والسوقَ والسورَ، أبقى المآذنَ والشاطئ الذَهبيَّ، وحدَّ المنازلَ بالوردِ، ثمّ أتى بالنجومِ جميعاً لرصفِ الدروبِ، وقال؛ لها قمرٌ لا يغيبُ، سيبقى بكامل أعراسه في الصعيد.

وخامسُ أخوته مَن يغنّي إذا اشتدتِ العاصفاتُ، ويبعثُ منديلَ عاشقةٍ للمجرّاتِ، إذ فَقَدَت شمسَها، أو يعودُ لها بالجحيمِ، فتقبضُها في اليمين، ويمشي بها للمتاريسِ، حتى إذا هبّت النارُ، ألقت جحيمَ براجِمها في الجنودِ، وعادت، تربّتُ فوقَ الجَنين الذي سوف يأتي، ليقطعَ دابرَهم من جديد.

وسادسُهم قمرٌ هادئٌ، يعرفُ اللهَ دون كلامٍ، ويقضي اللياليَ مع شيخه، أو يقول له؛ لستُ مِثلَكَ، إنّ التكاليفَ لا شيءَ إنْ ظلّ بيتيَ تحتَ الحصارِ المريرِ، فما الصلواتُ إذا لم تكن صرخةً في الوجودِ؟ وما الصومُ، والناسُ جوعى؟ وما الحجُّ إن بقي القيدُ في الكفّ؟ هل يأبهُ اللهُ بالناسِ إن لم يثوروا على الحاكِمِ المُستبدِّ، ولم يبعثوا النارَ في الجيشِ؟ كونوا جهنّمَ في وجهِ دبّابةٍ للغُزاةِ، وقولوا؛ هنا غزّةُ النار، فهل مِن مزيد!

 

وسابعُهم ألفُ ألفٍ، من الشهداء؛ الذين مضوا للفراديسِ، لكنّهم لم يموتوا، وظلّوا على شُرفات السماءِ، وقد تركوا أرضَنا للضياءِ، وخلّوا سماواتِنا للنشيد.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق