اليوم الخميس 24 إبريل 2025م
عاجل
  • مراسلنا: انتشال جثامين 5 شهداء بعد غارة إسرائيلية على شارع النخيل بحي التفاح شرقي مدنية غزة
  • مراسلنا: غارة من طائرة مسيرة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة
قاض أمريكي يمدد حظر ترحيل الناشط الفلسطيني المهداويالكوفية مراسلنا: انتشال جثامين 5 شهداء بعد غارة إسرائيلية على شارع النخيل بحي التفاح شرقي مدنية غزةالكوفية مراسلنا: غارة من طائرة مسيرة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزةالكوفية 14 شهيداً في قصف مركز شرطة جباليا البلد ومنزلاً بحي الزيتون بمدينة غزةالكوفية الاحتلال يقتحم قرية النبي صالح شمال غرب رام اللهالكوفية مصرع مواطنة بحادث سير في الخليلالكوفية الاحتلال يستولي على شاحنة في الأغوار الشماليةالكوفية المجلس المركزي يواصل أعماله لليوم الثانيالكوفية 50 شهيدا و152 إصابة خلال الـ24 ساعة الأخيرة في قطاع غزةالكوفية الاحتلال يداهم مدينة بيت لحم وبلدة بيت فجارالكوفية مصادر طبية: خروج مستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال على الخدمةالكوفية بيت لحم: قوات الاحتلال تقتحم مخيم الدهيشةالكوفية 185 هزة ارتدادية تضرب إسطنبول بعد الزلزال الذي بلغت قوته 6.2 درجةالكوفية رئيس غرفة تجارة دمشق: لا استثناءات اقتصادية في سوريا الجديدةالكوفية ترامب: كندا لن تبقى دولة من دون دعم الولايات المتحدةالكوفية روسيا: يحق لنا استخدام الأسلحة النووية إذا تعرضنا لهجوم غربيالكوفية إصابة طفل برصاص الاحتلال في الاقتحام المستمر لمخيم بلاطة شرق نابلسالكوفية تحرك عربي جديد.. مقترح لإنهاء الحرب وفرض هدنة لعدة سنواتالكوفية الهلال الأحمر الفلسطيني: إصابة طفل برصاص الاحتلال خلال اقتحام مخيم بلاطة شرق نابلسالكوفية استقبال غاضب لبن غفير في ميامي وسط هتافات مؤيدة لفلسطينالكوفية

أبو علي شاهين.. حين تصبح الثورة إنسانًا

20:20 - 19 إبريل - 2025
إلهامي المليجي
الكوفية:

حين تلتقي بأبي علي شاهين، تدرك أنك أمام حالة نضالية متفرّدة؛ رجل
يشبه الجبال في ثباتها، والأفكار المتقدة التي لا تنطفئ. شخصية لم تُتعبها
المسافات، ولا كسرتها السجون، ولا أغراها بريق التسويات. كان الثورة
حين يخفت صوت الثوار، والصلابة حين يتسلّل التعب إلى رفاق الطريق.
وُلِد أبو علي شاهين في الرمال الحارقة لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين،
ونشأ في زمن الانكسار العربي، لكنه اختار أن يرفع راية المقاومة في زمن
الهزيمة، ليصبح لاحقًا أحد أبرز رموز حركة فتح، وصوتًا للفقراء
والبسطاء الذين لم تكن الثورة بالنسبة لهم خطابًا سياسيًا، بل حياة يومية
ومعاناة مستمرة.
لم يكن مجرد قائد ميداني أو اسم يتكرر في محاضر الفصائل الفلسطينية،
بل كان مدرسة فكرية قائمة بذاتها، ومؤسسة ثورية تمشي على الأرض.
يرفع راية النضال بيد، ويكتب باليد الأخرى حكاية الوعي المقاوم، الذي لا
يُهزم بالسلاح وحده، بل بالفكر أيضًا.
في الهواء المقنع;، ترك أبو علي شاهين بصمته في أدب السجون
الفلسطيني. لم يكتب تجربته من باب التأريخ الذاتي، بل من باب الرسالة
للأجيال. كان يدرك أن السجون ليست جدرانًا وسلاسل فقط، بل ميدانًا
للمواجهة، وساحة لصياغة وعي، ومنبرًا لبناء كوادر. لقد آمن بأن التجربة
النضالية لا تكتمل إلا حين تُكتب، لا بوصفها ماضيًا يُبكى عليه، بل ذاكرة
تصنع الحاضر والمستقبل.
كتب في مقدمة كتابه: في السجن، اكتشفت أن الزنزانة يمكن أن تكون
وطنًا مؤقتًا، إذا امتلأت بالأفكار والكرامة.;
حين قُذف به إلى سجن عسقلان، لم يكن أسيرًا ينتظر الفرج، بل رجلًا قرر
أن يحوّل الزنازين إلى قلاع فكرية. رأى أن الثورة ليست رصاصة فقط،
بل فكرة تُنبت مقاتلين، وكلمة تشعل انتفاضة، ووعيًا لا يُمكن كسره
بالمعتقلات. كان أبو علي شاهين يقاتل بالبندقية، وبالكلمة، وبالموقف
والمبدأ. وكان يرى أن المعركة مع الاحتلال لا تدار في ساحات القتال فقط،
بل في ميادين الفكر والسياسة أيضًا.
كما قال في إحدى جلساته:;في السجن تعلّمت أن الحرية ليست أن تخرج من الزنزانة، بل أن تظل
ثائرًا وأنت داخلها.;
خرج أبو علي شاهين من الأسر، لكنه لم يخرج من المعركة. واصلها في
كل ساحة، بين السياسة والفكر والتنظيم، بين الميدان والقلم، بين لحظة
المواجهة والتأمل الطويل في المصير الفلسطيني. لم يكن يومًا من أولئك
الذين يهزمهم الإرهاق، أو تغريهم المسارات الناعمة. ظل حتى آخر أيامه
منحازًا إلى روح الثورة، إلى المقاومة التي لا تعرف أنصاف الحلول، وإلى
الفكرة التي تظل متقدة رغم محاولات الإخماد.
هذه الحلقة ليست تسجيلًا توثيقيًا لحياته، فالتاريخ يحتفظ به في ذاكرته، بل
محاولة شخصية لاستعادة محطات من علاقتي به، كما عرفته عن قرب،
كما رأيته في لحظات الصمود والتحدي، وكما تأملت في فكره وكلماته التي
بقيت حاضرة رغم الغياب.
المشهد الأول: لقاء غير متوقع مع قامة نضالية فريدة
لم أتوقع يومًا أن يبادر أبو علي شاهين، القائد الفلسطيني الذي حملت سيرته
الكثير من الدروس، بطلب لقائي شخصيًا. لم أكن من أولئك الذين يبحثون
عن الأضواء، ولم تتجاوز لقاءاتي السابقة به إطار اللقاءات الجماعية.
في عام 2002، أخبرني الصديق فيصل الخيري، الكاتب والمؤرخ
والأثري، أن أبو علي شاهين يودّ لقائي في أي وقت أحدده. استغربت. كيف
له أن يعرفني؟ ولماذا يطلبني بالاسم؟
كانت دهشتي مبررة، فشخصية نضالية بحجمه، تحمل في رصيدها عقودًا
من النضال والتأثير، كيف تلتفت إلى شخص مثلي؟ قرأت كتابه ;الهواء
المقنع;، الذي دوّن فيه تجربته العميقة في سجون الاحتلال، وكيف حوّل
المعتقل إلى مدرسة ثورية، وجعل من القيد وسيلة لصقل الوعي، لا لكسره.
رحّبت بالدعوة، وذهبت برفقة فيصل الخيري إلى شقته في مدينة نصر،
بالقرب من حديقة الطفل، حيث يسكن في شقة بسيطة تفيض دفئًا. كان
المكان مزيجًا من أوراق مبعثرة على طاولة صغيرة، وصور لرفاق الدرب
تملأ الجدران.
ما إن فتحت الباب، حتى وجدت أمامي رجلًا ملامحه تحمل تعب السنين،
لكن عينيه تلمعان بحيوية شاب لم يتعبه الزمن. استقبلني بحرارة جعلتني
أنسى كل الحواجز.
فاجأني حين قال بابتسامة:
;قد تكون قليل الكلام، لكن مداخلاتك القليلة كانت كافية لتُلفت نظري. كان
واضحًا أنك تملك رؤية تحليلية دقيقة للحالة الفلسطينية، وأعجبني انحيازك
حينها لما كان يُعرف بـحركة فتح – الانتفاضة;.
لم تكن تلك الجملة عابرة، بل كانت كفيلة بأن تبدّد كل دهشتي وتساؤلاتي.
لم يكن أبو علي شاهين قارئًا للكتب فقط، بل قارئًا للبشر أيضًا.
ذلك اللقاء كان بداية لحوار امتدّ طويلًا، تعمّقت فيه علاقتي به، واكتشفت
جوانب أعمق من شخصيته ورؤيته النضالية.
المشهد الثاني: المناضل الذي لم تفارقه كرامة الكرم
لم تقتصر لقاءاتي مع أبو علي شاهين على النقاشات الجادة حول القضية
الفلسطينية، بل حملت دائمًا طابعًا إنسانيًا دافئًا. كان طباخًا ماهرًا، يعرف
أسرار المطبخ الشرقي. يشتري اللحم من جزار محدد، ويتعامل مع عطار
بعينه. يطبخ دائمًا بكمية تكفي خمسة أشخاص على الأقل، حتى لو كنا
اثنين.
سألته مرة عن السبب، فأجاب ببساطة:
;قد يمرّ أحد دون موعد. الضيف رزق. لا يجوز أن نأكل وهو ينظر إلينا.;
ذات يوم، وبينما نحن على كورنيش النيل، فجأة أوقف سيارته عند مطعم
;نعمة; الشهير في العجوزة. قلت له مستغربًا.
;هل سنأكل هنا؟;
أجابني وهو يترجّل:
;دقائق وأعود;
عاد حاملًا أكياس مليئة بساندوتشات تكفي عشرة أشخاص على الأقل.
شرعنا نأكل، وبين لقمة وأخرى، كان يلتفت إلى الشارع، يبحث بعينيه عن
عمال النظافة، يوقف السيارة ويعطيهم الطعام بابتسامة عريضة وكلمات
بسيطة:
;تفضّل يا بطل. عشا مُعتبر من القلب;
لم يكن يعطيهم الطعام فقط، بل كان يمنحهم دفئًا إنسانيًا حقيقيًا، كأنما يرى
فيهم أبناء وطنه الذين لا تلتفت إليهم العواصم.
حين انتهينا، التفت إليّ قائلاً:
;الثورة تبدأ من هنا، من أن تعترف بآدمية الإنسان قبل أن تُحمله السلاح;
في كل مرة جلست معه، شعرت أنني أمام رجل لم تسمّمه السياسة، ولم
يصبه غرور القيادة، ولم ينفصل يومًا عن الناس البسطاء الذين حمل
قضيتهم.
***
في الحلقة القادمة، أواصل الحديث عن أبو علي شاهين، حيث نقترب من
صلابته الفكرية، عناده في الحق، وعشقه الأبدي لمصر. سأروي كيف
اختار أن يوارى جسده

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق