خلال حملته الانتخابية، صدّق الأمريكيون والعالم وعوده اليقينية بأنه ما أن يصل إلى البيت الأبيض حتى يمسّ بعصاه السحرية كل الجبهات المشتعلة في العالم، ليحيلها برداً وسلاماً، ولتستمع البشرية بإنجازات سحرية يحققها كمبعوث للعناية الإلهية.
وبفعل ذلك حصد ترمب أعلى نسبة من أصوات الأمريكيين، بمن فيهم العرب والمسلمين، الذي كانوا منشغلين بمتابعة مآسي حرب الإبادة على غزة، ويتطلعون إلى حلٍ للقضية الفلسطينية، وقدّروا أن ليس غير ترمب من يحقق ذلك.
بعد أشهر ليست بالقليلة، ماذا حدث بالضبط كما سجلت الوقائع؟
في الشرق الأوسط ما تزال أبواب الجحيم مفتوحة على غزة ولبنان، وفي أوروبا تطورت الحرب هناك واتسعت لتبلغ مرحلة القصف المتبادل في العمق، وفي الملف الإيراني ما تزال المفاوضات والمناورات والتهديدات، تدور في حلقة مفرغة لم يظهر بعد متى تخرج منها.
الجديد والذي لم يكن محسوباً حسابه، هو ما أدت إليه قراراته الانفعالية والاستعراضية من أحداث في كاليفورنيا تنذر بالاتساع إلى مدنٍ وولاياتٍ أخرى، ناهيك عن عدم الاستقرار في إدارته بسبب التعيينات والإقالات التي أساسها مزاج الرئيس وتوزيع المغانم والعقوبات.
العالم كله يحبس أنفاسه تحسباً ليس فقط مما حدث وإنما مما يمكن أن يحدث داخل أمريكا وعلى مستوى العالم كله، في ظل رئاسة ترمب التي سجلت ولأول مرة في التاريخ، حقيقة أن أكبر دولة في العالم والأقوى نفوذاً وإمكانات وقعت في قبضة رجل واحد، يقرر ما يشاء ليس بالشأن الأمريكي وحده وإنما بشأن العالم كله.
هذه خلاصة ظاهرة ترمب في الأشهر القليلة الأولى في ولايته الثانية، ولنسأل الله سبحانه وتعالى أن يضع حداً لهذا الرعب الشامل، الذي أساسه ارتجالات ترمب وانفعالاته.