منظمة التحرير الفلسطينية الإطار الوطني الجامع والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، كما أُقرّ ذلك عربياً في قمة الرباط عام 1974، ثم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3236 الصادر في نوفمبر 1974، والذي كرّس الاعتراف الدولي بشرعيتها وأهليتها القانونية، وقد تم تعزيز هذا الاعتراف بمنحها صفة المراقب في الأمم المتحدة بموجب القرار 3237، ما يعكس مكانتها القانونية والسياسية كممثل للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده. جاء مع هذا الاعتراف العربي "تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تحرير وطنه وتقرير مصيره، واعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ودعمه في ممارسة مسؤولياته كاملة في إطار ممثلية على الصعيد العربي والدولي".
إن قوة منظمة التحرير لطالما استمدتها من مؤسساتها الثلاث المركزية: المجلس الوطني، المجلس المركزي، واللجنة التنفيذية. لكل من هذه المؤسسات دور نظري ووظيفي بالغ الأهمية:
* المجلس الوطني الفلسطيني هو "البرلمان الفلسطيني، السلطة التشريعية العليا التي تقر السياسات الوطنية وتعدل الميثاق وتنتخب اللجنة التنفيذية. عُقدت آخر دورة للمجلس الوطني الفلسطيني في رام الله 2018، وهي الدورة الثالثة والعشرون، وقد جاءت بعد انقطاع دام أكثر من عقدين تم انتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة الرئيس محمود عباس. انعقاد المجلس بشكل دوري طبيعي يعد ضرورة قصوى لإعادة إنتاج الشرعية الفلسطينية وتجديدها على أسس ديمقراطية شاملة لجميع الفصائل تحت مظلة واحدة تمثل الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته.
* المجلس المركزي الفلسطيني هو هيئة مصغرة عن المجلس الوطني صعوبة انعقاد الاول، ينعقد بين دورات الوطني ويتخذ قرارات استراتيجية في ظل ظروف متغيرة. من المفترض أن يشكل أداة رقابة ومحاسبة فعالة على عمل اللجنة التنفيذية، لا أن يكون مجرد أداة تمرير. ومن الجدير ذكره أن المجلس المركزي قد انعقد أواخر نيسان 2025. في ظل الإبادة وصعوبة انعقاد الوطني، وتحت شعار "لا للتهجير" جاء بقرارات جديدة منها تعديل تمثيل المرأة واستحداث منصب نائب رئيس المنظمة والدولة، هناك حاجة ماسة لانتظام انعقاد المجلس وضمان اتخاذ القرارات من خلاله لتجسيد الحوار الوطني وإنقاذ المشروع الوطني وضمان شمولية التمثيل تحت مظلة منظمة التحرير.
* اللجنة التنفيذية، بصفتها القيادة اليومية للمنظمة، مسؤولة عن تنفيذ قرارات الوطني والمركزي وإدارة الشأن السياسي الفلسطيني الخارجي. دورها يجب أن يظل مرتبطًا بالتفويض المؤسسي لا بالولاءات أو الانتماءات. هناك حاجة وفرصة حقيقية للتنسيق وتكامل عمل هذه المؤسسات وقد قامت اللجنة التنفيذية بعد ما أقر المجلس المركزي في جلسته الأخيرة استحداث منصب نائب الرئيس باختيار السيد حسين الشيخ بناء على توصية الرئيس محمود عباس، وقامت تباعاً اللجنة باختيار السيد عزام الأحمد أميناً للسر.
هذه القرارات والتعيينات تصاحبها مسؤوليات جمة في ظل وضع حرج ومفصلي أمام القضية الفلسطينية يتطلب بالدرجة الأولى استعادة مكانة منظمة التحرير الفلسطينية. الأمانة ثقيلة والمسؤوليات جسيمة وعلينا جميعاً التكاتف والتعاضد لتحقيق المصلحة الوطنية العليا خدمة للقضية الفلسطينية ونصرة شعبنا في قطاع غزة. هناك أصوات كثيرة تنادي بالإصلاح وخاصة في التمثيل، قام المجلس المركزي في جلسته الأخيرة بتعديل نسبة تمثيل المرأة التزامًا بقرارات سابقة لتعزيز دور المرأة الفلسطينية في مواقع صنع القرار، وهي خطوة مهمة يجب أن تُستكمل بآليات تنفيذية تعزز المشاركة الحقيقية لا الشكلية. نسبة النساء اليوم في المجلس المركزي حوالي 30٪، وفي المجلس الوطني حوالي 13٪، و في اللجنة التنفيذية ٠٪. إذا أردنا أن نبني مستقبلًا سياسيًا حقيقيًا، نتمنى من ممثلي المنظمة أن يتبنوا آليات جديدة في صنع القرار المبني على الفكر والتخصص والمعرفة والحوار والنقاش الوطني البناء وأن يدفعوا بالقرارات الجديدة لصالح كفاءات وطنية متخصصة قادرة على حمل القضية بمعايير الكفاءة والمعرفة والانتماء الوطني.
الحاجة اليوم لتفعيل المؤسسات الممثلة لمنظمة التحرير، هذه المؤسسات لا تنعقد بانتظام ولا تعمل بطبيعتها كأجسام جماعية مستقلة. تراجع انعقاد المجالس وغياب القرار الجماعي أضعف وحدة التمثيل الوطني، وأبعد المنظمة عن قواعدها الشعبية. لذلك، لا سبيل أمامنا سوى العودة إلى منطق المؤسسة. إن تفعيل مؤسسات المنظمة بشكل طبيعي ومنتظم، واستعادة التقاليد الديمقراطية الداخلية، هو شرط أساسي لتحصين القرار الوطني، ولمنع انزلاق المنظمة إلى حالة من الجمود أو الإقصاء.
هناك فرصة حقيقية اليوم بأن تفرض منظمة التحرير دورها الطبيعي كممثل للشعب على طاولات المفاوضات بالتنسيق مع الوسطاء الذين يعترفون بالصفة الشرعية لمنظمة التحرير. إن غزة اليوم بأمسّ الحاجة إلى منظمة التحرير: منظمة قادرة أن تكون مرجعية لكل الفلسطينيين في مواجهة العدوان، وفي إدارة معركة الصمود وإعادة البناء. قوة منظمة التحرير تأتي من شخصيتها القانونية ومكانتها التمثيلية المعترف بها ومن هنا تستطيع أن تفرض حقيقة دورها دون انتظار. تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاحها على أسس الكفاءة والمعرفة هو الطريق الوحيد لإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني وإعادة الاعتبار لصوت شعبنا التواق للحرية والكرامة والاستقلال. إن قوة منظمة التحرير يجب أن تستمد من القواعد الشعبية من خلال تفعيل حقيقي لمؤسساتها الثلاث المركزية، وهذا يستدعي العجلة فلا متسع من الوقت لدينا أمام المشروع الكولونيالي الاستيطاني الإسرائيلي الذي نشهده يصادر أرضنا وحقوقنا. منظمة التحرير: ما بين الشرعية القانونية والتحديات السياسية لحظة الحقيقة تكمن بتفعيل المؤسسة.
..............
هناك فرصة حقيقية اليوم بأن تفرض منظمة التحرير دورها الطبيعي كممثل للشعب على طاولات المفاوضات بالتنسيق مع الوسطاء الذين يعترفون بالصفة الشرعية لمنظمة التحرير. إن غزة اليوم بأمسّ الحاجة إلى منظمة التحرير.