تل أبيب: أشار محللون إسرائيليون اليوم، الإثنين، إلى تناقضات بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية وإلى انعدام الثقة بينهما، وذلك بعد قرار الكابينيت السياسي الأمني الإسرائيلي، أمس، بتوسيع الحرب على غزة بمشاركة فرق عسكرية.
وأفاد المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، بأنه لا يوجد تغيير حقيقي في الوضع في قطاع غزة، رغم إعلان إسرائيل المتكرر حول استدعاء قوات الاحتياط.
ويستعد الجيش لاستدعاء عشرات آلاف عناصر الاحتياط، لكن معظمهم لم يتم استدعاؤهم فعليا حتى الآن، وفي جميع الأحوال لن يتم إرسالهم إلى القطاع، وإنما سيحلون مكان الكتائب النظامية عند حدود لبنان وسورية وفي الضفة الغربية. وعملية نقل المسؤولية إلى قوات الاحتياط، ونقل النظاميين جنوبا والاستعدادات لتوسيع الهجوم البري سيستغرق وقتا.
وأضاف أن الجدول الزمني المرتقب قد يصطدم بزيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لدول الخليج في نهاية الأسبوع المقبل. وخطوات نتنياهو متعلقة بقدر كبير بالتنسيق مع ترامب. والأرجح ألا يرغب ترامب بأن يخيم تدهور واسع في القطاع ومشاهد مواطنين فلسطينيين مقتولين على نجاح زيارته للسعودية والإمارات وقطر، حيث يأمل بالتوقيع على صفقات بحجم مئات مليارات الدولارات.
ووفقا لهرئيل، فإن الجيش يضع نفسه أمام اختبار جدي بقراره استدعاء قوات الاحتياط، "ورغم أن الأمور لا تقال علنا، فإنه واضح أن القرار بالاكتفاء بتوجيه قوات نظامية فقط إلى القطاع مرتبط بالتخوف من نسبة امتثال متدنية" من جانب عناصر الاحتياط.
وأفاد هرئيل بأن عناصر احتياط يسألون ضباطهم، في الأيام الأخيرة، حول "أهمية، وخاصة حول مدة، المهمة التي ستلقى عليهم. وذكر بعضهم أنهم وُعدوا بألا يتلقوا أوامر استدعاء جديدة في الشهور القريبة. وأبلغ الجيش أحد الألوية على الأقل أن عناصره سيستدعون للخدمة العسكرية لمدة 110 أيام، أي حتى نهاية العطلة الصيفية تقريبا. وهذا يطرح تساؤلات حول خطوة رئيس أركان الجيش (توسيع الحرب على غزة)، أو أن أحدا ما هنا لا يدرك بالضبط خطورة الأحباء والإرهاق في قوات الاحتياط، أو أن الجيش يحاول بشكل غير مباشر أن يقول للمستوى السياسي إنه ليس بمقدوره ضمان امتثال عناصر الاحتياط بنسبة مرتفعة، وربما بذلك يعفي نفسه من هذه الخطوة".
وشدد على أنه "في جميع الأحوال، أضواء تحذير مشتعلة هنا حيال التحدي الماثل أمام وحدات الاحتياط، ويجدر عدم نسيان أن الجنود في الخدمة النظامية أيضا يرزحون تحت أعباء هائلة، بعد أكثر من سنة ونصف السنة من القتال في جميع الجبهات".
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أن الحرب على غزة مختلفة عن حروب إسرائيل السابقة، "فهي دائرة مقابل عدو ضعيف ويتعرض لضربات"، لكنه "يرفض الاستسلام، تحت سحابة كثيفة من التخلي عن (الأسرى الإسرائيليين) واستهداف شديد للسكان المدنيين (الغزيين) ومعارضة متزايدة في المؤسسات الدولية، ومن الجهة الأخرى هناك إدارة أميركية تسمح لإسرائيل أن تفعل ما تشاء في غزة.
لكن برنياع أشار إلى أن الأمر الأساسي هو أن الإسرائيليين فقدوا الثقة. الكابينيت لا يثق بقيادة الجيش، وقيادة الجيش لا تثق بالكابينيت، عناصر الاحتياط لا تثق بإدارة الحرب واستمرارها والشارع متشكك، وهو متشكك ومنقسم على نفسه. ووزراء الكابينيت جميعهم منعزلون عن الواقع، ومعظمهم لم يخدموا في الجيش أو تعربوا من الخدمة العسكرية. ولكل عضو كابينيت مصالحه الشخصية، ونتنياهو نموذج يقلدونه جميعهم.
وأضاف أن إسرائيل لم تحقق هدفي الحرب، القضاء على حماس وإعادة الأسرى، منذ 19 شهرا من الحرب. "ضغط عسكري لا يعيد مخطوفين، بل يقتلهم أحيانا. ولا يتم حسم حرب عصابات بتعداد القتلى في الجانب الآخر أو بتدمير البنية التحتية. حرب العصابات تُحسم ببناء بديل سلطوي.
وتابع أن المقارنة المطلوبة هي بين لبنان وغزة. والضربة العسكرية التي تلقاها حزب الله كانت كبيرة، لكنها كانت صغيرة بما لا يقارن مع الضربة التي تلقتها حماس. وكان في لبنان من ترجم الضربة العسكرية إلى تغيير سياسي؛ وفي غزة أحبطت الحكومة الإسرائيلية جميع الإمكانيات.