- مراسل الكوفية: طائرات الاحتلال تشن غارة على جباليا البلد شمالي القطاع
- مراسل الكوفية: شهيدان جراء قصف الاحتلال على المناطق الغربية لبيت لاهيا شمالي القطاع
بينما تُوغِل دولة الاحتلال أكثر فأكثر في حرب الإبادة، واستخدام الحصار والتجويع في محاولة لتحقيق ما يقول بنيامين نتنياهو عنه النصر المطلق، تتصاعد في العالم مواقف وسياسات وإجراءات عقابية، خصوصاً من دول أوروبا الغربية لوقف هذه الحرب.
التفاعلات الجارية على غير صعيد بما في ذلك دولة الاحتلال التي تقف حكومتها على حافّة الانهيار، بسبب أزمة تجنيد «الحريديم»، هذه التفاعلات، وضعت نتنياهو أمام منعطف صعب وخيارات محدودة.
غير أن الأهم من كل ذلك على أهميته الحاضرة والإستراتيجية إزاء كل ملف الصراع، يكمن في أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد بلغ حد اليأس من إمكانية تحقيق الحرب أهدافها. في أحدث تصريحاته يعلن ترامب بعد مكالمة مع نتنياهو، ضرورة وقف هذه الحرب سواء باتفاق أو خارجه، وأنها استنفدت كل أهدافها.
إذا كان العالم كله يقف علنياً ضد استمرار الحرب العدوانية، وإذا كانت الدول الغربية التي ناصرت نتنياهو منذ البداية وقدمت له كل أنواع الدعم، إذا كان كل ذلك لم يردع الحكومة الفاشية التي تتلقى كل أنواع الدعم والشراكة من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي بقيت وحيدة إلى جانب حرب الإبادة، فإن تصريح ترامب يفقد هذه الحكومة آخر من تبقّى إلى جانبها.
دولة الاحتلال لم تكن ولا تستطيع خوض هذه الحرب الدموية بكل ما تنطوي عليه من جرائم قانونية وإنسانية، من دون الدعم الأميركي الهائل، فإن تصريح ترامب، يضعها عارية تماماً أمام العالم، ويجعلها دولة منبوذة، وملاحقة في كل مكان.
الولايات المتحدة تواصل دورها الداعم، سواء عبر استمرار الدعم العسكري الذي لا يتوقف، أو حمايتها سياسياً عبر المحافل الدولية كما حصل في مجلس الأمن مؤخراً، ومعاقبة قضاة المحكمة الجنائية الدولية، وأيضاً شراكتها في مذابح آليات تقديم المساعدات.
الرئيس الأوكراني زيلنسكي أدلى بتصريح مؤخراً قال فيه أن الولايات المتحدة حولت 20 ألف قذيفة من النوع الثقيل إلى الدولة العبرية بعد أن كانت مخصصة لأوكرانيا، أما السفير الأميركي في دولة الاحتلال فقال إذا كان هناك حاجة لدولة فلسطينية فلتكن في مكان آخر غير الضفة.
الولايات المتحدة لم ولن تتخلّى عن دعمها لدولة الاحتلال في كل الأحوال حتى لو أن الرئيس ترامب مارس ضغطاً كافياً على الحكومة الفاشية وفرض عليها وقف الحرب.
إن حصل هذا في وقت قريب، فإن وقف الحرب يعني هزيمة منكرة وصريحة لدولة الاحتلال ومن وقف ويقف إلى جانبها وخلفها.
قد لا يعجب هذا الاستنتاج بعض المتطيّرين والمزايدين، ولكن السؤال هو: ما الذي حقّقته دولة الاحتلال من هذه الحرب الإجرامية؟
وقف الحرب يعني فشل مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وفشل القضاء على المقاومة، أو حتى على الحكومة القائمة حتى الآن فيها، والفشل يمتد ليشمل الأهداف الأبعد التي تتعلق بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفق الرؤية الإسرائيلية.
غير أن الإقرار بالهزيمة من قبل دولة الاحتلال لا يعني أنها فقدت القدرة على ارتكاب مجازر جديدة، وحروب أخرى ومغامرات خطيرة في الإقليم.
الفلسطينيون دفعوا أثماناً باهظة في غزّة وفي الضفة الغربية، هذا صحيح، ولكن أحد مكامن هزيمة دولة الاحتلال، أيضاً، هو في جملة التداعيات الداخلية التي نجمت عن حربها، لا جيشها الذي لا يُقهر بقي كما كان عليه قبل الحرب، ولا الاقتصاد بقي بعدها كما كان قبلها، ولا المجتمع الإسرائيلي يحافظ على الحدّ الأدنى من التماسك.
التغيّرات الجارية في دولة الاحتلال تضرب في العمق، وتحوّلها إلى دولة إرهاب عنصري معزولة دولياً، دولة أقرب إلى أنواع الأنظمة السياسية في دول العالم الثالث.
إن كان كل هذا وأكثر صحيحاً، فإن الضغط الخارجي مهما بلغ من التأثير، لا يؤدي إلى سقوط القلعة، وإنما تكمن أهميته في أنه أحد العوامل المهمة والفاعلة في اتجاه تنمية عوامل تقويض القلعة من داخلها حتى انهيارها.
في معظم الأحداث التاريخية الكبرى، كانت القلاع تسقط وتنهار من داخلها. أما العوامل الخارجية فلم تكن أكثر من عامل مساعد مهما كانت قوته.
ومع الأسف فإن هذا المبدأ يشمل، أيضاً، الوضع الفلسطيني، فاستمرار الانقسام الفلسطيني رغم وضوح مخطّطات الاحتلال وداعميه يتحمّل جزءاً مهماً من المسؤولية عن الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني.
ويتحمّل استمرار الانقسام جزءاً لا بأس به من المسؤولية عن التخاذل العربي والإسلامي، بل وعن تآمر بعض العرب على الفلسطينيين.
والآن تظهر في الساحة جماعة من المتعاونين مع الاحتلال في قطاع غزّة، تحمل عنواناً يوحي بأنها وطنية، ولا تخفي تعاونها مع الاحتلال لإلحاق أذىً كبير بأوضاع المواطنين الجوعى.
لا ورقة توت، يمكن أن تستر عورة الجماعة التي يتزعمها المدعو ياسر أبو شباب، الذي يحمل سلاحاً إسرائيلياً ويتحرّك في المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال شرق رفح.
دولة الاحتلال فشلت في استمالة العشائر، وفشلت في استمالة بعض الشخصيات الفلسطينية في غزة، لإنشاء إدارة أخرى موالية، ولكنها أخيراً وجدت ضالّتها في هذه الظاهرة، التي تدّعي أنها تعمل تحت مظلة الشرعية الفلسطينية.
هؤلاء يشكّلون جزءاً من الطابور الخامس، الذي يشمل بعض التجار الذين يتحكّمون في الأسعار، ومثلهم بعض الصرّافين، الذين يرفعون نسب الفائدة على التحويلات إلى ما يزيد الآن على 40%.
«حماس» لم تعد تنتظر وجود ظاهرة مثل جماعة أبو شباب الذي تخلّت عنه عشيرته، حتى تتخلّى عن حكم غزة، فلقد أبدت الاستعداد لذلك ولكن لحساب سلطة فلسطينية، أما هذه الظاهرة فلم تعد فلسطينية، فهي عدا عن تعاونها المكشوف مع الاحتلال، تقوم بالسطو على المساعدات، وتعيد تسويقها للناس بأسعار باهظة لا قدرة لهم على تحمّلها.
يستدعي هذا الوضع إعادة بعض التماسك للموقف الفلسطيني، وإعلان كل مؤسسة وفرد فلسطيني البراءة من هذه الظاهرة وأيّ ظاهرة مشابهة.