اليوم الاحد 11 مايو 2025م
غزة ونتنياهو في مرمى ترامب.. ماذا سيحدث بعد غيابه عن تل أبيب؟الكوفية البابا الجديد يثير جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي.. فما السبب؟الكوفية كنوز ما قبل التاريخ.. اكتشافات مذهلة في ماهان بكرمان الإيرانيةالكوفية سر الأهرامات: دراسة تكشف التقنيات المتقدمة المستخدمة في بنائها!الكوفية قصف بلا ملجأ.. أين يختبئ الغزيون في اليوم الـ55 من عودة الحرب؟الكوفية 4200 عائلة بلا مأوى.. هل الضفة خارج التغطية؟الكوفية لوبي داعم لـ"إسرائيل" في بريطانيا: حصار غزة يسهم في محاربة السمنةالكوفية عائلات فلسطينية جديدة تُخلي منازلها في الحي الشرقي بمدينة طولكرمالكوفية تراجع عدد المسافرين والرحلات بمطار بن غوريونالكوفية وزير الخارجية الألماني: الصراع في غزة لا يمكن حله بالوسائل العسكريةالكوفية ترامب يصف توسيع الحرب على غزة بـ"الجهد العبثي"الكوفية صحيفة: تفاؤل بأوساط حماس بالتوصل لهدنة في غزة خلال 48 ساعةالكوفية مسؤول بالبيت الأبيض: لا داعي لمحادثة بين ترمب ونتنياهو فقد زار واشنطن 700 مرة منذ تنصيب ترمبالكوفية إسرائيل تؤيد خطة ترامب للمساعدات في غزة وتحذر من "حرب للأبد"الكوفية هل بدأ تنفيذ نكبة 2025؟ قرار تهجير لا عملية مؤقتةالكوفية دلياني: القيم المجتمعية الإسرائيلية تُبيح الإبادة وتُناقض القيم الإنسانية في العصر الحديثالكوفية لا وقود لا ماء لا دواء.. من الذي قرر خنق غزة؟الكوفية 40 يوما بلا خبز.. جحيم يومي يعيشه الغزيونالكوفية زيارة ترامب.. تهدئة أم صفقة جديدة على حساب الفلسطينيين؟الكوفية غزة تنزف من كل الجهات والاحتلال يمحو أحياء بكاملهاالكوفية

الإنسانية ومجابهة خطاب الكراهية

07:07 - 11 يوليو - 2020
إميل أمين
الكوفية:

«كالنار في الهشيم هكذا ينتشر خطاب الكراهية على الإنترنت بين الشباب حول العالم، الأمر الذي يستدعي تعزيز قدرتهم على الصمود في وجه العنف الآن وأكثر من أي وقت مضى، إن أردنا منع التطرف والتعصب».

كان هذا نداء منظمة اليونيسكو، التي أشارت إلى واحدة من أخطر آفات حاضرات أيامنا، الكراهية، القنبلة التي تعتمل في الصدور، وتنفجر من خلال العقول، لتملأ الدنيا شراً وإثماً كبيرين.

الحديث عن خطاب الكراهية، تجدد الأيام الماضية مع الأزمة التي انطلقت من حول موقع وشركة «فيسبوك»، وعبر حملة «أوقفوا الكراهية من أجل الربح»، والتي نظمتها مجموعة من منظمات المجتمع المدني الأميركية غير الهادفة للربح، ودعت فيها إلى الضغط على «فيسبوك» ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، من أجل اتخاذ موقف أكثر تشدداً وحزماً من المنشورات وأشكال المحتوى الأخرى كافة، التي تحض على الكراهية والعنف والتمييز.

هل يمكن بالفعل الحد من الكراهية في الفضاء السيبراني، أم أن الخرق اتسع على الراتق؟

الشاهد أن خطورة الإنترنت وجميع وسائط التواصل الاجتماعي، تتمثل فيما أشار إليه الكاتب والفيلسوف الإيطالي إمبرتو إيكو ذات مرة من أنها جعلت الجميع يتحدث كمن يحمل جائزة نوبل، إذ إنها تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من الخمر، من دون أن يتسببوا في أي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً. أما الآن فلهم الحق في الكلام، ومثلهم مثل من يحمل أشهر جائزة أدبية حول العالم.

تصنع وسائل التواصل صيفاً وشتاء إن أرادت، تنزل على الناس برداً وسلاماً إن رغبت، وتلهب الأجواء ناراً وسعيراً حال شاءت، ولهذا بات العالم وكأنه في حاجة إلى بروتوكول علاجي لمواجهة وباء الكراهية الأخطر من وباء «كورونا».

يعِد مارك زوكربرغ الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك» بأن الموقع سوف يشهد تغيراً واسعاً في سياسات المحتوى لحظر وإزالة المحتوى الذي يحتوي على الكراهية والتمييز والعنف، حتى لو كان صادراً عن شخصيات عامة، والتساؤل هل يمكنه حقاً فعل ذلك، وقد قارب عدد المشتركين في خدمات المواقع من 3 مليارات نسمة حول الكرة الأرضية؟

أمران يجعلان الأمر صعباً للغاية؛ الأول هو الحدود الفاصلة بين ما هو خطاب كراهية، وبين منطلقات وحقوق حرية الرأي، ومن يحدد المعايير بين الجانبين، وهي مسألة مثيرة وحساسة ولا بد لها من معايير وجذور دستورية.

فيما الأمر الآخر موصول بالخوارزميات التي يتم استخدامها عبر عمليات «فيسبوك» المعقدة للفرز والتمييز، وتعزيز غرف التصدي للتطرف، وهذه تحتاج إلى تدقيق هائل ليس من اليسير إدراكه في الوقت الحاضر... هل انفلت خطاب الكراهية من عقاله مرة، وإلى الأبد؟

يعاني التعريف القانوني لخطاب الكراهية من إشكالية، بالضبط كما الحال مع مصطلح الإرهاب، وإن أمكن تعريفه عموماً بأنه أنماط مختلفة من أنماط التعبير العام التي تنشر الكراهية أو التمييز أو العداوة أو تحرض عليها أو تروّج لها أو تبررها ضد شخص أو مجموعة، على أساس من يكونون، بمعنى آخر، بناء على العقيدة أو الأصل العرقي أو الجنسية أو اللون أو النسب أو الجنس أو أي عامل هوية آخر.

خيّل للناظر إلى طروحات العولمة وشروحاتها أنها سوف تفتح الآفاق لتلاقي الأمم وعبور الحدود والقفز فوق السدود وإقامة الجسور لا الجدران، لكن يوماً تلو الآخر يظهر لنا الواقع أن هناك خللاً «تكتونياً» في جذور أبنية العالم المعولم، تحتاج إلى إعادة قراءة، خصوصاً بعد أن طفت على السطح قوميات وشوفينيات، عصبيات ومذهبيات، تكاد تعود بنا إلى دائرة النازية والفاشية وأشكال التطرف السياسي التي أحرقت العالم إبان الحرب العالمية الثانية.

ولعل الحقيقة التي لا مفر من مواجهتها هي أن العالم أضحى الآن يعاني من «فائض في خطاب الكراهية»، وجاء «كورونا» من أسف شديد ليضيف مسحة من التصنيف والتوصيف اللاإنساني الذي يعزز التشارع والتنازع بين الأمم والشعوب.

كيف لخطاب الكراهية أن يمضي قدماً؟ وماذا عن كوابحه إن جاز القول؟

حكماً حين تدخل العدالة الإنسانية طي النسيان، وعندما تتحكم الدارونية الاجتماعية في مقدرات البشر، ويغيب الحوار الحقيقي بين الثقافات والأديان، وقتها تخيم الغيوم على مستقبل التعايش البشري، وساعة تهمل المؤسسات التعليمية دورها التنويري، وتضحى وسائل الإعلام أدوات للتسلية الجوفاء الهشة من غير مقاصد عليا، تدفع في طريق الخير العام، يكون البديل الوحيد المتاح هو خطاب الكراهية المحفز للتعنت والساعي لاستيلاد العنف والأصولية، وتصدير تسونامي اللامبالاة.

الخيرون والمغيرون لا يتوقفون عند حدود الكراهية، إنهم يعملون بعزم ويفكرون بحزم، يذكون الوعي العام بضرورة مكافحة خطاب الكراهية وتعريته من مبرراته الواهية، ومن ثم التعامل مع مواقع التواصل بطريقة أكثر حذراً، وإفشاء الطرائق الصحيحة في استخدامها، بدلاً من الحلول والمسكنات المؤقتة التي لا تحل الإشكال جذرياً، مع تبادل الدروس المستفادة من المنظمات المحلية والوطنية والدولية، عطفاً على الوكالات الحكومية الناشطة في مجال مكافحة خطاب الكراهية.

ويبقى ركن ركين في المشهد، وهو دعوة صانعي السياسات إلى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد مرتكبي جرائم نشر الكراهية، فمن لا يرتدع بناموس الأخلاق، تردعه ولا شك القوانين الوضعية.

لا يكفي لمجابهة خطاب الكراهية أن يغير «فيسبوك» بعضاً من سياساته، فقد تظهر آليات تواصل أكثر خطراً منها، فيما المحبوب والمرغوب هو أن تكتب في الصدور شرائع المحبة ونواميس العفو عند المقدرة والصفح الجميل... نعم إنه طريق المدينة الفاضلة لو يستطيعون.

 

الشرق الأوسط

كلمات مفتاحية
كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق