اليوم الجمعة 25 إبريل 2025م
في يومها الـ 39.. أبرز التطورات لتجدد حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزةالكوفية الإعلام العبري: مقتل جندي إسرائيلي خلال معارك في حي تل السلطان برفحالكوفية "زحلقات" الرئيس عباس الكلامية..وهيبة المؤسسة الرسمية!الكوفية وسائل إعلام إسرائيلية: إجلاء 4 جنود وضباط مصابين من قطاع غزة 3 منهم في حالة خطيرةالكوفية أوروبا تبتعد عن السياسة الأميركيةالكوفية هزيمة جيوش الضمير ...!الكوفية دلياني: استقبال بن غفير في أمريكا يُمثّل احتفاءً فاضحا بجرائم الإبادة في غزةالكوفية كأس ملك إسبانيا: حكم النهائي ينهار باكياً مندداً بضغوطات قناة ريال مدريدالكوفية دورة مدريد: ميدفيديف يصعد للدور الثالثالكوفية لبنان: عقبات تواجه مهمة الحكومة لاستعادة الانتظام الماليالكوفية المبعوث الأمريكي ويتكوف يلتقي الإيرانيين السبت في عُمانالكوفية في بيانه الختامي.. المجلس المركزي يشدد على أولوية وقف العدوان ورفض التهجيرالكوفية بالأسماء|| 15 شهيدا في قصف استهدف منزلين في خانيونسالكوفية استشهاد طفل برصاص الاحتلال في بلدة سالم شرق نابلسالكوفية الاحتلال يعترف بقتل موظف أممي بلغاري بغزة وغضب في صوفياالكوفية القسام: تمكنا من قنص 4 جنود وضباط من جيش الاحتلال شمال غزةالكوفية 84 شهيدا و168 إصابة بمجازر الاحتلال في غزة خلال 24 ساعةالكوفية مراسلنا: قصف مدفعي متجدد محيط منطقة الدعوة شمال شرق النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية استشهاد المسن ماجد الحرازين 70 عاما إثر قصف مدفعي إسرائيلي في شارع العرايس شرق حي الزيتونالكوفية حقوقيون إسرائيليون يقرون بمسؤولية جيشهم عن تجويع السكان في قطاع غزة ويدعون لوقف الحربالكوفية

لبنان... الفينيق لا يموت

07:07 - 08 أغسطس - 2020
إميل أمين
الكوفية:

دون غيره من دول المنطقة ارتبط اسم لبنان وتاريخه وحضارته بطائر الفينيق الأسطوري، الذي سمعنا عنه، ولم يره أحد، بأجنحته الذهبية، وقدرته الخالدة على مقاومة الموت والنهوض من تحت الرماد.

والشاهد أنه إذا كان قدر لبنان الكثير من الحرائق، التي تراكم الرماد، فإن إرادة اللبنانيين، هي التي جعلت بلادهم موصولة بأسطورة الفينيق، من خلال مقاربة تجعل هذا الشعب الأبي الكريم عازماً على النهوض عادة، مندفعاً إلى الأمام دوماً، مدرك المستحيل مرة، وإلى الأبد.

مشهد «ست الدنيا بيروت»، مؤلم جداً، لقد أضحت بلغة المراثي جرحاً واحداً، من شعر رأسها إلى أخمص قدميها، وكأنها تحتضر، غير أنها ساعات ما قبل البعث اللبناني، وليضحى ما حدث في المرفأ نهاية درب الآلام، لشعب عانى كثيراً جداً في الأوقات الأخيرة بنوع خاص.

أثبتت الكارثة الأليمة الأخيرة أن لبنان «ليس وحيداً»، فمن مشارق الأرض إلى مغاربها، أبدى كل من لديه حس إنساني، مشاعر فياضة لاستنقاذ لبنان، الشعب والتاريخ، الأمة والحضارة، وليس الحكومة والميليشيات، وبقية الذين ذهبوا في طريق المحاصصات التي شطرت روح «بلد الأرز».

لماذا يبقى لبنان في القلب أبداً ودوماً؟

باختصار غير مخل، لأنه كان عبر عقود طوال رمزاً للحضارة العربية في طبعتها المنقحة والمصححة، بلد التجانس والتناغم، بين كافة الملل والنحل، الطوائف والأعراق، المنفتح مبكراً على أوروبا والمنافح والملاقح لثقافة الغرب، من دون إحساس بالدونية أو النقص.

صدّر لبنان للعالم العربي القومية العربية، بهدف استقلال العرب والخلاص من ربقة العثمانلي المحتل من جهة، وإنهاء أزمنة الانتداب الأوروبي من جهة ثانية.

عرف العالم بيروت المتألمة اليوم مثالاً للحداثة في خمسينات وستينات حتى أوائل سبعينات القرن العشرين، من غير أن يقتضي ذلك تخليها عن أصالتها وتراثها العروبي، فمثلت عن حق سويسرا الشرق، وحفرت بآدابها وفنونها، بمسارحها وجامعاتها أمكنة في قلوب العرب.

غطى الحريق لبنان ذات مرة ولمدة 15 سنة تشارع وتنازع فيها اللبنانيون، واكتشفوا في نهاية الأمر أن لا رابح من الحرب الأهلية سوى أعداء لبنان، حينئذ جاء اتفاق الطائف ليستنقذ اللبنانيين من وهدة الجحيم.

3 عقود تغيرت فيها الطباع، وتبدلت الأوضاع، والمحصلة تخبرنا بأن لبنان أضحى مخطوفاً من النزعات الراديكالية، والتحزبات الميليشياوية، ومن وراء الأفق تبدو قوى إقليمية لا تريد لأهله الخير، وتعمد من أجل إدراك صالحها ومصالحها، إلى تقديم لبنان واللبنانيين قرابين على مذابح المواجهات الجيو - استراتيجية الأممية الجديدة، وتصفية الحسابات الناجمة عن الفوضى الخلاقة في طبعتها القديمة.

ما جرى في مرفأ بيروت نقطة فاصلة، تستدعي أعلى درجات المساءلة عما حدث، وكيف حدث، وإلى أين يمكن أن تمضي مقادير اللبنانيين إذا استمر اللهو والعبث بأقدارهم على هذا النحو التراجيدي.

انفجار المرفأ، وأياً كانت أسبابه، هو عَرَض، أما المرض الحقيقي فيتمثل في كون لبنان ومن غير مواراة أو مداراة دولة منزوعة القرار، الأمر الذي جعل فكرة «الخير العام، والصالح العام»، تتراجع إلى الوراء، في حين تتقدمها الأغراض الاستعمارية المقنعة وراء جماعة حزبية، لا يهمها أن يهلك لبنان وأهله، لأنها امتداد للتفكير الأحادي الدوغمائي القاتل، ذاك الذي يرفض الاعتراف بطرح الأرض والمواطنة، ويسعى في سياق تغليب الأممية المغشوشة.

في هذه الأجواء الاستلابية من كل قيمة وطنية تضحى البيروقراطية هي السيد، والمحسوبية وعدم الكفاءة هي معيار التوظيف، والتحالفات الماورائية البعيدة عن أعين الشعب هي الغالبة.

السؤال الحيوي في هذه السطور؛ هل لبنان قادر على مداواة جروحه بنفسه؟

أغلب الظن أن هناك حتمية تاريخية من المكاشفة والمصارحة، تقتضي القول إن لبنان بات يعاني من فراغ استراتيجي هائل ومريع لا يخفى على أحد، ومعه أصبحت القوى اللبنانية السياسية التقليدية، خارج إطار الفاعلية، فقد تجاوزتها الأحداث نهار الثلاثاء الدامي، عطفاً على أن هناك استحقاقاً أكثر خطورة قادماً على الطريق، والخاص بإعلان المحكمة الدولية الخاصة بالرئيس المغدور رفيق الحريري؛ حيث 4 أسماء من دائرة «حزب الله» تنتظر حكماً يدرك الجميع كيف ستكون ردات الفعل من ورائه، واحتمالات انتشار اللبنانيين على الطرقات بصورة غير مسبوقة هذه المرة، سعياً للخلاص من احتلال لبناني داخلي يعتاش على أسنة الرماح.

لبنان في حاجة ماسة وسريعة لإعادة بناء، سياسي هيراركي، بقدر ما هو في عوز لاستنقاذ حياته اليومية، في ظل مئات الآلاف من المتشردين على الطرقات، ما يدمي القلوب قولاً وفعلاً.

الاحتياج الأخير حكماً يمكن توفير متطلباته من خلال تحركات المجتمع الدولي من جهة، والواجب العربي من جهة أخرى نحو الأشقاء.

عقدة المشهد هنا في مد يد العون سياسياً وأممياً للبنان، قبل أن ينحدر في طريق الانتحار الجماعي الذي يلوح في الأفق، بعد أن يضمد اللبنانيون جراح المرفأ.

اليوم التالي للانفجار بالمدى الزمني المجازي سيكون رهيباً، بل ربما سيستخدم من قبل القوى الإقليمية ككعب أخيل لإنهاء سيادة لبنان، ثم الدخول في معارك أبعد من المدى الجغرافي للبنان.

التنادي العروبي فرض عين لإنقاذ لبنان، مهما تكن الصيغة، والدعم الدولي لمشروع إعادة ترتيب البيت اللبناني مهمة لا بد منها إن أراد الجميع تجنب انفجارات ستطال الكل شرقاً وغرباً عما قريب.

نعم «لبنان... الفينيق لا يموت»، لكنه في هذه الأوقات يكابد سكرات مريرة من موات متعدد الأشكال والأعراض، ويحتاج لأصحاب النوايا الطيبة والطوايا الجيدة لبعثه من جديد.

 

الشرق الأوسط

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق