نشر بتاريخ: 2025/12/14 ( آخر تحديث: 2025/12/14 الساعة: 19:19 )
 أكرم عطا الله

المرحلة الثانية: انتظار نتنياهو ليضع التفاصيل..!

نشر بتاريخ: 2025/12/14 (آخر تحديث: 2025/12/14 الساعة: 19:19)

الكوفية كما جرت العادة منذ الولاية الأولى لترامب قبل تسعة أعوام، كانت علاقته بإسرائيل مميزة للحد الذي هاجم فيه يهود الولايات المتحدة العام 2000 عندما سقط في الانتخابات لأنهم «خانوا أكثر من خدم إسرائيل» كما قال. أما عن التوأمة مع نتنياهو فتلك قصة أخرى أكدتها الوقائع التي جرت على الأقل في العام الأول للولاية الثانية لترامب.

خمسة لقاءات كانت كفيلة بتبديد أي تصور عن خلاف يمكن أن ينشأ بين الرجلين اللذين يطبخان كل شيء بشكل مشترك، وأن الحديث عن خلافات بينهما هو جزء من كمائن تعد لأطراف أخرى، فمثلاً دار حديث عن خلاف ما قبل وصول ترامب للبيت الأبيض وقصة ويتكوف الذي أرغم نتنياهو على قبول الهدنة كانت من أجل ابتلاع «حماس» الطعم لتوافق على تجزئة صفقة كانون الثاني لتأخذ إسرائيل الأسرى وتتمكن من التملص من باقي المراحل وكان ترامب الغطاء، أما ادعاء الخلاف الأكبر فكان في أيار الماضي لتصل الصحافة في مبالغاتها حد أن تتحدث عن قطيعة بين الرجلين وكانت تعد قبل زيارة ترامب للمنطقة العربية ورحلة التريليونات.

كانت الأطراف الإسرائيلية الأميركية تتوقع مطالبات عربية بوقف الحرب أو تنازلات من نتنياهو، فكانت خدعة القطيعة التي وقعت بها مؤسسة كبيرة مثل «الجزيرة» وهي تفرد تقارير موسعة عن توتر العلاقة بين نتنياهو وترامب وتتساءل مَن منهما يسيطر على الآخر؟. كان هدف الخدعة إذا ما طلب أي زعيم عربي من ترامب أي شيء يكون رده جاهزاً «أنا لا أتحدث معه»، ويمكن لترامب أن يقول، إنه لم أعد أحتمله، وأبعد من ذلك ... وما أن انتهت الزيارة حتى كان يستقبله في البيت الأبيض ليضعا تفاصيل الحرب على إيران التي انتهت بتحقيق حلم نتنياهو بضرب المفاعل النووي الإيراني.

بين الولايات المتحدة وإسرائيل ما يكفي من التاريخ والقواسم المشتركة والثقافة والدين وتشابه التأسيس الذي أنتج نظريات سياسية وثقافية وروحية متشابهة، وفي نظريات ترامب وحروبه الجديدة كما ورد في استراتيجية الأمن القومي التي قدمها للكونغرس كما يفصلها الكاتب توماس فريدمان بأنها حرب حضارية بين الأعراق والألوان والحضارات ويحدد علاقته بالعالم وفقاً لذلك، فالعلاقة مع أوروبا ستتم وفق قبولها أو إغلاقها الباب أمام المهاجرين المنتمين لحضارة أدنى، أما بوتين فهو وشعبه ينتميان للعرق الأبيض والحضارة الشمالية الأوروبية. وهكذا حتى لا يوهم الفلسطينيون أنفسهم، فإسرائيل تقع في نفس الحضارة والثقافة الغربية فيما أن العرب والفلسطينيين أصحاب حضارة مختلفة بل يعتبرها «متوحشة» وهي ما يحاربها ترامب ولا يحترمها. فلنا أن نتصور أين نقع سياسياً ولماذا نصر على ابتلاع خديعة الخلاف ولماذا نُصر أيضاً على أنه سيعاملنا كما إسرائيل التي تنتمي «لعالمه الحضاري»؟

هذه المرة وفي خطته الأخيرة التي تتحضر الأطراف لدخول مرحلتها الثانية رغم تلكؤ نتنياهو، واضح أن ترامب لم يقرر الإفصاح أو الدخول في التفاصيل كالعادة دون التشاور مع نتنياهو والاتفاق عليها. وفي التفاصيل بعض إشارات التراجع عما تم إعلانه وهو ما قاله الرئيس ترامب في الرابع من الشهر الحالي بأن «المرحلة الثانية من خطة السلام ستخضع للتعديل»، وهو تعديل لا يمكن فهمه إلا في سياق تراجع إسرائيل عما تم عرضه ليس فقط لأن تلك عادتها في الاتفاقيات ولا لأن الإدارة الأميركية تضع نفسها خادماً لأكثر حكومات إسرائيل تطرفاً، بل لأن هناك ما يمكن أن يعتبر رشوة قدمتها تل أبيب وواشنطن لحركة حماس مقابل موافقتها على تسليم الأسرى، أحياء وأمواتا، مرة واحدة في المرحلة الأولى والآن، لم يبقَ لدى حركة حماس ما يستدعي تقديم تلك الإغراءات. وبالتالي يمكن أن يكون هذا السيناريو الأقرب وهو ما ينتظر وصول نتنياهو للبيت الأبيض.

كل شيء مؤجل حتى التشاور مع نتنياهو، أما مجلس السلام الذي كان يجب الإعلان عنه قبل أعياد الميلاد فتم تأجيله مطلع العام أي بعد الزيارة وأن جنرالاً أميركياً هو من سيقود قوة الاستقرار التي كان يجب أن تتشكل بمعظمها من قوات عربية وإسلامية. أما الإعمار فقد تغير تماماً نحو خطط غير مفهومة ومختلفة عما تم الإعلان عنه في الخطة الأصلية حيث إنه سيجري في مناطق سيطرة إسرائيلية في الشرق والجنوب، ماذا يعني سيطرة إسرائيلية؟ أليس من المفترض أن تنسحب قوات إسرائيل من القطاع وفقاً لتلك المرحلة؟ فالإعمار لا يتم خلال أسابيع أو أشهر بل سنوات، هل يعني ذلك بقاء إسرائيل لسنوات تسيطر على الجزء الأكبر من غزة؟ لا يمكن لمن يتابع إلا أن يفهم الأمر هكذا أم يحتمل تفسيراً آخر ...!

النوايا بعيدة عن مسار يريده الفلسطينيون أو الوسطاء مع دولة تقوم بالتحريض على المؤسسة الضرورية جداً في المرحلة القادمة، مؤسسة «الأونروا» لاعتبارها منظمة إرهابية وتجر خلفها الولايات المتحدة كقوة كأنها تصاب بالعمى حين يتعلق الأمر بإسرائيل. وهذا يمكن فهمه في سياق العلاقة الثنائية وفي سياق نتائج حرب لم يفلح الفلسطينيون بها، يأخذ ترامب بنتائجها وليس بأسبابها، يأخذ بالمنتصر والمهزوم وليس بصاحب الحق والمعتدي فما بالنا إذا كان المنتصر هو ابن تلك الحضارة لدى رجل بمعايير مختلفة كما قال فريدمان؟.