الانتفاضة التنظيمية… خيار الفتحاويين لإنقاذ الحركة وإعادة الاعتبار لدورها التاريخي
أحمد الرفاعي
الانتفاضة التنظيمية… خيار الفتحاويين لإنقاذ الحركة وإعادة الاعتبار لدورها التاريخي
الكوفية لقد بلغ التعب التنظيمي مداه، ووصل التكلّس إلى مفاصل الحركة، حتى باتت فتح التي صاغت المشروع الوطني الفلسطيني ذات يوم تقف اليوم أمام مفترقٍ حاسم: إمّا انتفاضة داخلية حقيقية تُعيد الروح إلى جسدها، وإمّا المزيد من الانكماش والتحوّل إلى ظلّ لما كانت عليه.
نحن أمام لحظة صدق مع الذات، لحظة مراجعة عميقة لا هروب فيها إلى الشعارات ولا إلى التبريرات الجاهزة.
فتح ليست ملكًا لأشخاص، ولا حديقة خاصة لمسؤول، ولا منصة يعتليها من يراكم نفوذًا على حساب البرنامج الوطني، فتح وُلدت لتكون حركة برنامج، حركة مؤسسات، حركة أخلاق تنظيمية راسخة، لا حركة ولاءاتٍ فردية أو مراكز قوى مغلقة. إن العقلية الأمنية التي تسللت إلى مفاصل الإدارة التنظيمية عطّلت المبادرة، وهمّشت الكوادر، وأقصت الكفاءات، وأبعدت الفتحاوي عن موقعه الطبيعي في التأثير وصناعة القرار، فالفتحاوي لا يريد موقعًا شكليًا، بل يريد مكانه الحقيقي في قلب القرار لا على هامشه، في موقع الفعل لا موقع المتفرّج. هذه ليست دعوة إلى صراع داخلي، بل إلى استعادة المعنى، إلى انتفاضة تنظيمية واعية تُعيد تعريف الهوية على أساس البرنامج والمؤسسات والأخلاق، انتفاضة تُعيد الاعتبار للبرنامج قبل الأشخاص، وترسّخ دور المؤسسات بدل الفردنة والارتجال، وتفتح الطريق أمام الكادر الشاب والطاقة النضالية، وتبني ثقافة نقد مسؤولة لا تصفية حسابات، وتعيد الأخلاق التنظيمية إلى واجهة السلوك القيادي.
فالولاء للحركة لا يعني الصمت، والانتماء لا يعني الخضوع، والتاريخ لا يحمي أحدًا من النقد والمحاسبة.
فتح التي واجهت الاحتلال وقدّمت الشهداء والأسرى والقادة لا يجوز أن تُدار بعقلية إدارية مغلقة أو عقلية أمنية تُخضِع السياسة للتوجيه الضيق.
إن الانتفاضة التنظيمية المطلوبة اليوم ليست كسرًا للحركة بل حماية لها من الاهتراء، وليست تمرّدًا على القيادة بل إعادة تعريف العلاقة بينها وبين القواعد على أساس المسؤولية والشفافية والمشاركة.
فتح تحتاج إلى مشروع يقرأ الواقع بشجاعة، ورؤية تفتح الأفق أمام جيل جديد، وبنية تحمي القرار من الفردية والتكلّس، وروح سياسية تملك الجرأة على التصويب قبل السقوط، فالزمن لا ينتظر، والجمهور لا يرحم، والتاريخ لا يكتب مرتين.
اليوم لا غدًا، آن الأوان لانتفاضة داخلية تحيي الحركة من داخلها، تطهّرها من الترهل، وتعيد فتح إلى موقعها الطبيعي: طليعة البرنامج الوطني، ورافعة القرار، وصوت الشعب الذي لا يقبل الهامش ولا يقبل الصمت