- قصف مدفعيّ اسرائيلي يستهدف شمال بلدة الفخاري شرقي خان يونس
- استشهاد الشاب محمد معين المبيض بنيران مسيرة إسرائيلية في شارع النزاز بحي الشجاعية
إذا نظرنا إلى خارطة الوضع السياسي الراهن في منطقتنا، قد ينتابنا الكثير من اليأس والإحباط حسب ما ينشر في وسائل الإعلام، وعلى الأخص وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا شعور واقعي مبني على معطيات اليوم. فالحرب الدموية التي ترقى إلى جرائم الإبادة الجماعية لا تزال مستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام.
وهناك عجز دولي وتواطؤ في كثير من الأحيان مع إسرائيل يمنحها الغطاء لمواصلة الحرب. وعدم مسؤولية من بعض الأطراف الفلسطينية التي لا تبالي بما يجري للشعب في غزة. والرأي العام في إسرائيل بات لا يهتم سوى بعودة المحتجزين في غزة.
والقوى السياسية بما فيها المعارضة المعتدلة لا تزال تخشى الحديث عن مشروع سياسي بديل لمشروع الحكومة اليمينية العنصرية، التي يقودها بنيامين نتنياهو بالشراكة مع إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. ولدينا رئيس أميركي يتعامل مع قضايا الشعوب كصفقات عقارية، وأهم مشاريعه لإنهاء الكارثة في غزة ترحيل سكانها وخلق ريفيرا فيها.
مع ذلك هناك أمل لحدوث تغيير جوهري وحقيقي في مرحلة ما بعد الحرب.
على المستوى الفلسطيني، هناك تطور إيجابي في موقف الرأي العام الفلسطيني تجاه التسوية السياسية وحل الدولتين على وجه الخصوص. وفي الاستطلاعات الأخيرة ازداد حجم التأييد الشعبي لهذا الخيار إذا كان مرتبطاً بقيام دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران من العام 1967، وتعدى نسبة 70% وهذا لم يحدث منذ سنوات طويلة سابقة.
وهذا التطور النوعي يترافق مع تضاؤل نسبة التأييد لحركة «حماس» الذي انخفض من نسبة تتجاوز الـ50% وعلى وجه الخصوص في الضفة الغربية في الفترة الأولى التي تلت هجوم السابع من أكتوبر إلى ما هو قريب لنسبة 20% فقط. وهناك أيضاً محاولات إصلاح حتى لو كانت بطيئة وخجولة للنظام السياسي بناء على دعوات وضغوطات خارجية.
أما في الساحة الإسرائيلية، فلا تزال أغلبية ترفض حل الدولتين كرد فعل على هجوم «حماس»، ولكن لو سئل الجمهور الإسرائيلي هل يؤيد حلاً إقليمياً تشارك فيه الدول العربية وعلى رأسها السعودية ويتضمن تطبيعاً للعلاقات مع إسرائيل، فهناك أغلبية تتراوح بين 50-60% تقبل حل الدولتين، وهذا مؤشر إيجابي ويدعو للتفاؤل.
كما أن الوضع الإقليمي والدولي مهيأ لصفقة كبرى في المنطقة تبدأ بتطبيق الخطة العربية لإعادة إعمار غزة. حتى الرئيس ترامب قد يغيّر موقفه وينضم لمثل هذا المشروع. ولكن نحن بحاجة لإنهاء الحرب أولاً والبدء بعملية تدريجية تنتهي بصفقة سياسية شاملة تلعب المملكة العربية السعودية دوراً محورياً فيها.
وهي بوابة الأمل للفلسطينيين في المرحلة القادمة. والجميع بانتظار زيارة ترامب للرياض وما قد يتمخض عنها، مع الأخذ بالاعتبار المفاوضات التي تجري الآن بهدف التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى. والقضايا التي يدور التفاوض حولها لا تتعلق فقط بتحرير الأسرى، بل كذلك بإنهاء الحرب وتخلي «حماس» عن السلطة، وحتى مسألة سلاح «حماس» وإمكانية خروج بعض كوادرها للخارج.
كل هذا يحمل بعض الأمل، لكنّ هناك شيئاً يحدث على الأرض بصمت ولكنْ بثبات وبمواظبة، ويقوى ويتوسع ويأخذ أبعاداً كبيرة إقليمياً ودولياً. وهذا الشيء الذي يبدو مخالفاً لطبيعة ما يجري على الأرض في دائرة الصراع والحرب هو اللقاءات المستمرة التي تجري بين مجموعات فلسطينية وإسرائيلية في أكثر من مكان في أوروبا.
بدأت في لقاء ضم حوالى سبعين شخصية أسس ما عرف بعد ذلك بمبادئ من أجل السلام، ووضع قاعدة صلبة لتواصل اللقاء والبحث عن السلام المفقود، تتضمن الاعتراف المتبادل في تقرير المصير والدولة والكرامة والمساواة والأمن والسلامة للجميع، ومجموعة من المبادئ الإنسانية التي نحن كفلسطينيين بحاجة ماسة لها لنشعر بإنسانيتنا ونمارس في إطارها حقوقنا المشروعة.
وقد توسعت القاعدة الآن وأضحى عدد المشاركين في هذه المجموعة يتجاوز الأربعمائة شخص من سياسيين ومجتمع مدني ورجال أعمال وإعلاميين. وقد حظيت المبادرة باهتمام إقليمي ودولي واسع النطاق وأضحى حجم المشاركة الدولية كبيراً.
ومؤخراً عقد مؤتمر بالشراكة بين منظمتَي مبادئ من أجل السلام ومركز تنمية الشرق الأوسط، وكان جيداً وحيوياً ليس فقط في النقاش الموضوعي حتى طغى الملف الفلسطيني على مداولات المؤتمر وجلساته، بل وكذلك في طرح الأفكار العملية والمقترحات للقيام بعمل جدي.
ويكمن القول: إن المناقشات أفضت إلى تبني ورقة مبادئ للتطبيق العملي، وتتحدث عن دور كل الأطراف المعنية بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهناك تركيز خاص على الدورين الإقليمي والدولي، خاصة الخطة المصرية - العربية والتحالف من أجل حل الدولتين.
ويبدو كذلك أن الموضع بات يأخذ زخماً أكبر في العواصم المعنية، وأيضاً لدى قطاعات واسعة فلسطينية وإسرائيلية. وهذا يفتح المجال لتحويل الأمل الذي بدأ يبزغ من الدمار والموت والعنف إلى مشروع حقيقي قابل للتطبيق، وقادر على إنهاء الصراع مرة وإلى الأبد. ولا تزال هناك حاجة لتوسيع نطاق التحرك في إطار النخب، وفي الإطار الشعبي لإنجاح المبادرة وتحقيق حلم السلام المنشود.