اليوم الخميس 01 مايو 2025م
الصحة: 18 شهيدا و77 جريحا في غزة خلال 24 ساعةالكوفية روسيا: إقامة دولة فلسطينية مستقلة هي مفتاح للسلام الدائم في المنطقةالكوفية أطباء بلا حدود: منع دخول المساعدات يهدّد الأنشطة الطبية في غزّةالكوفية كلّ الخيارات مقفلة إلّا...الكوفية التونسية في السجنالكوفية حصاد أول ١٠٠ يوم من حقبة ترامب الثانيةالكوفية سورية: احتراب متواصل حتى التفتيت الكاملالكوفية مسؤول أممي يدعو إسرائيل إلى رفع الحصار عن المساعدات لقطاع غزةالكوفية الإصابة تبعد لاعب وسط موناكو غولوفين حتى نهاية الموسمالكوفية الدوري المصري: «حرب» الشكاوى مستمرة بين الزمالك ولاعبه زيزوالكوفية مباحثات عُمانية – عراقية تتناول «ترسيخ الأمن في المنطقة»الكوفية «الدعم السريع» تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدىالكوفية الصحة: 91% من سكان غزة يعانون أزمة غذائيةالكوفية نتنياهو يحذّر من تمدّد حرائق القدس من الغابات إلى المدينةالكوفية 3 شهداء بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوبي لبنانالكوفية تطورات اليوم الـ 45 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية الأمن العام السوري يفتح تحقيقا في مقتل رئيس بلدية صحنايا وابنه رميا بالرصاصالكوفية مستوطنون يهاجمون ممتلكات المواطنين في الأغوار الشماليةالكوفية دلياني يحث النقابات العالمية على تصعيد المواجهة مع منظومة الإبادة والاستعمار الاقتصادي الاسرائيليةالكوفية الصحة بغزة: 18 شهيداً و77 جريحاً بعدوان الاحتلال خلال 24 ساعةالكوفية

سورية: احتراب متواصل حتى التفتيت الكامل

16:16 - 01 مايو - 2025
عبد المجيد سويلم
الكوفية:

لم تكن الأوضاع في سورية على هذه الدرجة من التهديدات، ومن الأخطار على وجود الدولة والمجتمع، وعلى هذه الدرجة، وعلى هذا المستوى كما هي اليوم.

لقد تمّت أكبر عملية خداع للشعب السوري بأن صُوّر له سقوط النظام السابق وكأنه «إنجاز» تاريخي أدّى فيما أدّى إليه إلى «تحرُّره» من حقبة تاريخية طويلة تميّزت فعلاً بدرجات قاسية من القمع لكلّ أنواع الحرّيات، ولتجاوزات متواصلة لكل حدود ممكنة من التعديات والانتهاكات.

هذا القمع، وهذه الانتهاكات لم تسلم منها أيّ طبقة أو فئة اجتماعية، ولم تسلم منها طائفة أو جماعة إثنية، وقد طالت فيما طالته مروحة واسعة من القوى والأحزاب السياسية، بما فيها مئات، وربّما آلاف الكوادر الوطنية والديمقراطية الفلسطينية.

كاتب هذه السطور، شأنه في ذلك شأن هؤلاء الآلاف استبشر خيراً بالثورة السورية في بداياتها الأولى، ورأت كلّ القوى الوطنية والديمقراطية السورية، ومن بينها جماعات «الإسلام السياسي» «المعارضة» تاريخياً للنظام أنّ هذه الثورة، وخصوصاً كونها كانت جماهيرية واسعة في الريف، ولم تنحصر في مراكز المدن السورية، وكانت تطرح أهدافاً واقعية، ولم تكن متطيّرة، أو متطرّفة، أو حتى استفزازية، ربّما تكون الثورة التي ستنقذ البلاد والعباد.

تمّ اختطاف تلك الثورة، وتمّ الغدر بها في جُنح الظلام، وتم زجّ القوى الإقليمية والدولية بسرعةٍ مرعبة، وتمّ توريد آلاف مؤلّفة من الجماعات الإرهابية لتتصدّر المشهد السوري، وتستولي بالكامل عليها، وتفتّتت قوى الثورة بين مراكز الإقليم العربي كلّه، وأصبحت «المعارضة» مجرّد واجهات سياسية للتعبير عن رؤى وإستراتيجيات مراكز الإقليم العربي في العربية السعودية وقطر والأردن ومصر وتركيا.. وغيرها، فيما كانت منظمات وجماعات الإرهاب الإسلاموية تستولي شيئاً فشيئاً على كامل المشهد السوري المعارض.

واستمرّ تراجع القوى الوطنية والديمقراطية السورية حتى وصلنا إلى تحوّلها كلّها، ومن دون استثناء إلى مجرّد هياكل ومنابر إعلامية باهتة في أغلب الأحيان، وإلى سواتر سياسية لسيطرة جماعات الإرهاب على الجغرافيا السياسية للبلاد قبل أن يعيد النظام ترتيب قوّاته، ويبدأ هجومه الكاسح بدعم مزدوج من إيران ومن «حزب الله» اللبناني، ثم من القوات الروسية، وهو ما قلب كلّ الموازين، وخصوصاً بعد «معركة حلب»، وأدّى إلى الدخول التركي السافر وتركيز هذه الجماعات في منطقة إدلب، وتحوّل هذه المساحة السورية إلى أكبر قمع للمعارضة السورية تحت إمرة وسيطرة جماعات «الإسلام السياسي» المتطرّفة.

سقوط النظام جاء بالتنسيق الكامل والبائن بينونة كبرى بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وتركيا، وبإسناد من بعض الدول العربية، بالرغم من معرفة كل هذه الأطراف بكلّ عمقٍ ووعيٍ وتتبُّعٍ أدقّ التفاصيل، وإدراكهم أنّ هذا السقوط كان مستحيلاً قبل انكفاء قوات «حزب الله»، وقبل تراجع واستنكاف كلّ من إيران وروسيا عن دعم النظام بعد أن فهموا أنّ الأخير لا يخطّط للدفاع عن نفسه، وأنّه اختار التخلّي عن الحكم بدلاً من مواجهة القوات القادمة من الشمال، والقوات المتحالفة معها في كل المناطق السورية.

سقوط النظام على أيدي الجماعات المسلّحة كان رأمسرحية هزلية، وتمّ استلام السلطة في دمشق دون قتال يُذكر، وتمّت الصفقة الأولى بأن قامت دولة الاحتلال بتدمير كل مقدّرات ومقوّمات الجيش السوري بمعرفة وعلم وبتنسيق كامل ما بين هذه الجماعات وكلّ الأطراف العربية والدولية التي شاركت في هذه المسرحية.

قوى «الإسلام السياسي» التي تطلق على نفسها «هيئة تحرير الشام» هي ليست سوى قوى متحوّرة عن «النصرة»، وعن «داعش»، وليست سوى أداة تابعة للقوات التركية، وتحت سيطرتها الكاملة، وهي لم تواجه في عملية إسقاط النظام سوى مقاومة هامشية في منطقة حمص، ولعدّة ساعات فقط، وكان دورها حتى في عملية استلام السلطة في دمشق جاهزاً ومجهّزاً من قبل قوات أخرى قدِمَت إلى دمشق، ولم يكن دورها سوى أن تصوّر للشعب السوري، وللعالمين العربي والإسلامي، وللعالم كلّه أن سقوط النظام قد تمّ في إطار «زحف» قوى «المعارضة»، و»إسقاط» المدن والمناطق السورية مدينة وراء أخرى، ومنطقة بعد أخرى.

انطلت العملية على قطاعات سورية واسعة في بادئ الأمر في خضّم التخلّص من النظام السابق، وبعد أقلّ من شهر واحد أو ربّما عدّة أشهر فقط انكشف أمر «النظام الجديد»، وتحوّلت «المعارضة» السورية نفسها من موقف الداعم والمساند لسلطة «الشرع» إلى مواقف التخوّف من كلّ ما يجري، والانتقال إلى مرحلة التشكُّك في كلّ ما يتمّ في سورية، وصولاً إلى تبلور قناعات جديدة ليست سوى إدراك حجم الخديعة التي تعرّض لها الشعب السوري، وحجم المؤامرة التي باتت تواجهها البلاد السورية، وحجم الأخطار التي تحدق بها.

باختصار فإنّ تركيا وقطر قبلتا أن تلعبا دور الأداة التنفيذية لتدمير مقوّمات الدولة والجيش السوريين، خصوصاً وأنّ النظام السابق قد فتح الباب مُشرعاً لهذا التدمير، ودعمت الدول العربية النظام الجديد أملاً بالمحافظة على وحدة البلاد.

تبيّن الآن حتى لأشدّ المهووسين غباءً في رؤيتهم لـ»الثورة» السورية الجديدة أنّ دولة الاحتلال قد بدأت مرحلة جديدة عنوانها هو رفض اقتسام النفوذ في سورية، والانتقال إلى إنهاء وجود الكيان السوري الواحد أو الموحَّد.

تركيا وقطر ليس لديهما مشكلة  طالما أنّ منطقتي الشمال السوري ودمشق تحت سيطرة الشرع، والدول العربية ليس لديها مشروع للوقوف ضد مشروع التقسيم.

لكن مشروع التقسيم ليس كافياً بالنسبة لدولة الاحتلال لأن التقسيم والتفتيت ليس «ضمانة» مستقرّة يمكن لدولة الاحتلال «الاطمئنان» لها، بل ترى أنّ التقسيم نفسه قد يشكّل حافزاً لإعادة التوحيد في قادم الأيّام، وقد لا يكون هذا اليوم من عداد الأيام البعيدة، ولهذا فإنّ الخطّة الصهيونية هي الاحتراب في أثناء التفتيت، والاحتراب بين كلّ المناطق والطوائف والإثنيات، والاحتراب على قاعدة أن يتمّ توفير آليات دفع جديدة ومتجدّدة، و»ضمان» ألا يتمّ انتصار أيّ فئة على أخرى، أو ضمان ألا يُهزم أيّ طرف من أطراف هذا الاحتراب والتفتيت، لأنهما الإستراتيجية الثابتة الوحيدة التي تراها دولة الاحتلال.

في هذا الإطار لا يملك نظام «الشرع» ما يفعله سوى أن يتطابق برنامجه مع هذه الإستراتيجية حتى لو أنّه يرى الأمور من زوايا مختلفة عن زوايا دولة الاحتلال.

نظام الشرع  ذهب وحارب العلويين وارتكب بحقهم مجازر مروّعة، وليس أمامه سوى أن يقاتل الأكراد إذا أرادت تركيا الذهاب إلى قتالهم عند درجة معيّنة من تطوّر الأحداف معهم، وليس أمامه سوى أن يقاتل الجماعات الإسلامية الأخرى المسيطرة على مدينتي حلب وحماة، وليس أمامه سوى أن يتابع مسرحيّاته السياسية حول الدستور والانتخابات، وغيرها من «عدّة النصب» السياسي، ولكن دون أن يتفوّه بكلمةٍ واحدة حول الجولان السوري المحتلّ.

تحتاج سورية إلى قادة ثورة الـ»25» أو من هم على شاكلة سلطان باشا الأطرش وصالح العلي، وغيرهما من عظماء تلك الثورة التي وحّدت سورية والتي قبرت مشروع تقسيم البلاد السورية الذي كان قائماً في الواقع آنذاك.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق